1- الموقع : تقع منطقة جبل النّاظور ووادي النّضّاح على التّخوم الشرقية لسلسلة جبال عرباط الفاصلة بين وسط الجمهورية التونسية وجنوبها وتمتدّ في اتجاه الشمال نحو وادي اللّبن . تتبع هذه المنطقة إداريا معتمدية المكناسي من ولاية سيدي بوزيد. وتبعد عن مركز المدينة سبع كيلومترات على الطريق الوطنيّة رقم 14 في اتّجاه مدينة صفاقس عاصمة الجنوب . توجد هذه المنطقة بين ما يعرف ب"النّعايمية" من فيافي "الدويرة" و"الدّوارة" التي يتبع الجزء الغربي منها معتمدية المكناسي حيث تقيم عائلات "الجنف" من أولاد بلقاسم في حين يتبع الجزء الشرقي معتمدية المزونة وبه تقيم عائلات أولاد عمر و"الفاهمية " من أهالي المهاذبة . تشقّ جهة الناظور والنّضّاح السكّة الحديدية الرابطة بين منطقة المناجم من ولاية قفصة ومدينة صفاقس .وكذلك الطريق الوطنية رقم 14 الممتدة من البحر المتوسط انطلاقا من صفاقس إلى الحدود الجزائرية عبر قفصة . أ – جبل النّاظور: سلسلة جبلية قديمة جدا محدودة الارتفاع يكسوها غطاء نباتي سباسبيّ تغلب عليه نبتة الحلفاء .ومنذ منتصف التسعينات من القرن العشرين قامت إدارة الغابات بالمكناسي بغراسة الآلاف من أشجار الصنوبر الحلبي وعشرات من الأكاسيا .وهذا ما ساهم في الحفاظ على الغطاء النباتي المتنوع وإثرائه. معظم القمم الجبلية محدّبة على شكل ظهر بفعل عوامل التعرية المختلفة على مدى ملايين السنين مثل الرياح والأمطار والحرارة ونشاط الإنسان البدوي من رعي مفرط واحتطاب الشجيرات المختلفة كالبطّوم الذي كان موجودا بكثرة قبل الثلاثينات من القرن الماضي والشيح والكشريدة والقتاد والسدر والعجّان والعرفج وذلك لاستعمالها في الحاجات المختلفة من طبخ وبناء الأكواخ و"الحِجْرَاوَة" (جمع حَجير ويتمثّل في رصّ الحطب والشجيرات في شكل هلال ) للسّكن وعلف الدواب من إبل وأغنام وماعز وحمير..
ب – واي النّضاح: على مدى سنين طويلة جدا ، وبفعل انحدار الشّعاب جرّاء هطول الأمطار ، تكوّنت أودية عديدة شكّلت روافد لوادٍ عميق انبجست من صخوره الطينية عيون ماء قليلة الملوحة واصلت سيلانها على مجرى وادي النّضاح عدة كيلومترات .. يقع هذا الوادي بين سلسلتين جبليّتين الأولى حديثة العهد حسب الزمن الجيولوجي وهي سلسلة جبال عرباط ذات القمم الحادة التي نجد في طرفها الشرقي قمة "قلاّزة الغربي" ثم قمة "بودواو" ويليها جبل بوهدمة ثم هدّاج وهكذا إلى القطار من ولاية قفصة حيث تنتهي سلسلة جبال عرباط عند ما يعرف بموقع "قليعية".. أما السلسلة الثانية فهي جبل الناظور وهو كما أسلفنا جبل صغير من حيث الارتفاع والامتداد الطولي والعرضي خاصة بيد أنه من الجبال القديمة العهد جيولوجيا.
ج- التسمية .
لا نعرف رواية شفويّة أو مكتوبة حول تسمية النّاظور ولا النّضّاح بل تنعدم الدراسات تماما حول المنطقة ولنا شرف أول كتابة عنها على الإطلاق .وهذا رغم ما تزخر به من آثار عديدة وأحداث تاريخية عظيمة .كما أنّ كبار السنّ لا توجد لديهم رواية معروفة في الغرض رغم محاولاتنا في البحث والاستقصاء.ولهذين السببين، وفي انتظار مزيد من تعميق البحث ، فإّننا نرجّح التسمية اللغوية التي نجدها الأقرب إلى الصحة والقبول .فقد جاء في " المنجد في اللغة و الأعلام " الطبعة 39 لسنة 2002 طبعة دار المشرق ببيروت لبنان أنّ الناظور هو : " حافظ الكرم أو الزّرع وحارسه كالنّاطور ." أمّا النّضّاح فهو : " من فعل نَضَح ينضح نضْحا البيت بالماء : رشّه .ونضح عليه الماء : رشّه. و نضح عطشه سَكَّنه ، شرب دون الريّ ونضح البعير الماء : حمله من بئر أو نهر لسقي الزّرع. نضح الإناء : رشح .ونضحت العين : فارت بالدّمع ونضحت السماء القومَ أمطرتهم .والنضح جمع نضوح وأنضاح : الحوض .والنّضّاح هو ساقي النخل وسوّاق السّانية ". ولذلك نلاحظ أنّ جذر ( ن،ض،ح) في اللغة ذو مشتقّات تحيط كلّها بالماء من رشّ وسقي وحوض وبئر وعين ومطر وشُرْب . وبما أنّ الماء ب"نضّاحنا" موضوع الدراسة ذو ملوحة قليلة فإنه كما ورد في اللغة لا يُسْكن العطش تماما ذلك أن من نضح عطشه فقد شرب دون ريّ كما تقدّم ..ويكثر النّخيل بالوادي وعلى ضفافه ويسقيه ماؤه المنساب فهو إذن النّضّاح ساقي النخل كما تقدّم في المنجد المذكور. وقريبا من النّضّاح ونخله ، وفي صورة شبيهة بالجمل وقد أناخ ، يتربّع جبل الناظور شامخا وقورا رغم محدودية ارتفاعه و قبالته الوادي وكأنّه يحرس ماءه ونخله .